lundi 31 octobre 2011

إذا كان المجلس التأسيسي جدّي في محاربة الفساد فليبدأ بنفسه

يخطا من يعتقد أن الفساد لا يمكن أن ينمو في إطار الديمقراطية. والدليل على ذلك أنه لازلنا نطالع قضايا متعددة تتعلق بالفساد في أكثر الدول تجربة ديمقراطية وفي عدد من المؤسسات الدولية التي كان من المفترض أنها أُحدثت من أجل مقاومة الفساد.

واليوم، ونحن نطالع تصريحات عدد ممن أختارهم صندوق الاقتراع بخصوص أن أولوياتهم هي المحاسبة ثم المصالحة فمقاومة الفساد، نعتقد بأن وضع هذا الأمر في مرتبة ثانوية، يترك المجال مفتوحا لتواصل عمليات النهب لممتلكات المجموعة العمومية عقارا ومنقولا.

ففساد الأمس ليس مختلفا عن فساد اليوم وقد يزداد حدة غدا لحصول التجربة لدى من اختص في ذلك خاصة وأن عددا كبيرا من المفسدين غيروا الحلة ويحاولون الانتصاب من جديد في مواقع مستحدثة وهم يسعون إلى تطويع ألسنتهم للخطاب الثوري.

ففساد اليوم وغدا قد يكون متنوعا بين فساد سياسي ومالي وإداري بما يعني التنوع والتفرع.

الفساد السياسي:

أغلب الأحزاب السياسية المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي سواء منها من ضمن مقاعد صلبه أو لم يضمن أشارت بشكل اتهامي واضح إلى ما أسمته بدور المال السياسي في تغيير المسار الطبيعي لإجراءات الاقتراع.

والكل تكلم في العموم من دون توضيح أو تخصيص. من هو البريء ومن هو المتهم؟

فلئن كان من أهم مهام المجلس التأسيسي وضع دستور للبلاد، فإن مهمة معالجة هذه المسألة لن تقل أهمية باعتبار وأن شفافية عملية الاقتراع ونقاء الإشهار السياسي سيكون ذي أهمية قصوى في نجاح الانتخابات المقبلة التي قد تكون متعددة (تشريعية، رئاسية ومحلية) والتي ستكون ذات قيمة مصيرية لوضع البلاد نهائيا على مسار ديمقراطي سليم.

وفي هذا الإطار، يجب أن يبدأ المجلس التأسيسي بمعالجة ذاتية للعملية التي أصلت وجود أعضائه صلبه حتى تكون هذه المعالجة بمثابة أفضل رسالة طمأنة إلى الشعب التونسي بأن من اختارهم لسن دسور للبلاد يضعون بحق وبجد مصلحة البلاد فوق كل اعتبار.

الفساد المالي والإداري:

يعلم الجميع بأن الدولة التونسية بمؤسساتها ومنشآتها العمومية وهياكلها المركزية والجهوية والمحلية وجل قطاعاتها الخاصة منها والعمومية عانت ولا تزال من فساد مالي وإداري بلغ من الخطورة بمقام أصبح يهدد فيه وجود الدولة.

ويتردد بين العديد بأن دار لقمان لا زالت على حالها باعتبار وأن من ساهم وانتفع بهذا الفساد لا يزال في أعلى مواقع الدولة واتخاذ القرار وأن أصحاب المصالح يجتمعون في مجموعات ضغط صغيرة تسعى إلى حماية مصالحها ومواصلة ابتزاز الدولة.

وقد أفرزت الانتخابات الأخيرة لدى البعض نوعا من الهلع واليأس أسهم في سعي هذه المجموعات لاستقطاب المزيد من الراغبين في الثراء السريع واستغلال السلطة.

وسيكون من الصعب الاتيان على مواقع الخلل داخل الدولة ومؤسساتها في أجل قصير بل أن هناك من يعتقد في استحالة ذلك.

وسيكون المجلس التأسيسي أول من سيُمتحن في هذه التجربة باعتبار وأنه سيرث إدارة برلمانية أنهكتها ولا تزال مظاهر الفساد بمختلف أنواعه.

فالقيام بعملية تقييم ومراقبة لهيكل صغير الحجم ولكن ذي أهمية قصوى من شأنه أن يعطي نموذجا لبقية إدارات الدولة في مختلف أشكالها حتى تسير على نفس المنحى وتتخذ ما يمكن اتخاذه من تدابير عاجلة لاستئصال داء استفحل وقد يتواصل.

Aucun commentaire: