samedi 11 mars 2017

البرلمان بدأ يبرلم

كنت ولازلت من المدافعين، وبشدّة، على ايلاء السلطة التشريعية كامل الصلاحيات لممارسة المهام الموكولة اليها بمقتضى الدستور وبالنظر إلى ما يضمنه نظام ديمقراطي لمجلس نواب الشعب.
وكنت ولازلت مقتنعا بأن سلطة المجلس يكتسبها لا فقط من النص الدستوري وانما وبالأساس من الممارسة. من ممارسة مهامه وفق أهداف وإجراءات خاصة به تجعل منه هيكلا غير شبيه بغيره في الدولة.
وكنت أعتقد ولازلت، بأن إشكال المجلس يكمن في عدد قليل من أحكام نظامه الداخلي، التي يجب مراجعتها وتعديلها بالشكل الذي يضمن لعمله النجاعة والاستقرار والانتظام.
وكنت مصرّا ولازلت على أن من أوكد أولويات المجلس هي سن قانون يضمن بصورة نهائية استقلاليته الإدارية والمالية وهو القانون الذي يقيه أي هون وضعف.
ولكن استغربت أن ينظّم مجلس نواب الشعب ندوة حول الاستقلالية الادارية والمالية يستدعي لها خبراء أتوا خصيصا للقول بأن الاستقلالية الادارية والمالية مكانها النظام الداخلي وليس القانون. وكأنني بالمجلس يقوم بعمل كل ما من شأنه أن ينفي عنه السلطة التي خوله اياها الدستور.
واقرأ اليوم أن المجلس يعقد جلسة عامة للتداول بخصوص مقترح قانون يتعلق بتنظيم اللجان البرلمانية. وكأني بالمجلس تجاوز أولويته القصوى لممارسة مبادرة تشريعية أولى خلال هذه المدة بخصوص مسائل قد تكون هامة ولكنها لن ترتقي للأهمية التي تكتسيها استقلاليته الادارية والمالية.
وبالرغم من خيبة أمل سرت في كياني، سارعت بالاطلاع على المبادرة التشريعية الأولى التي انتظرها الجميع خصوصا وهي متعلقة بتنظيم عمل اللجان البرلمانية التي كان يجب أن تكون أهم هيكل نيابي يتم في إطارها ممارسة العمل النيابي بمختلف أوجهه.
القلب النابض للمجلس، مكتبه، وندوة رؤسائه، وجلسته العامة. ولا يخفق القلب من دون دم: اللجان البرلمانية.
اطلعت على مقترح القانون، ويا ليتني ما اطلعت.
خيبة أمل ثانية.
صُدمت شكلا، وقُتلت مضمونا.
مقترح قانون يتعلق بتنظيم اللجان البرلمانية استأثر 16 فصلا منه على 21 بلجان التحقيق.
مقترح قانون اعتمد مصطلحات لا معنى لها على غرار "سلطات خارجه" !!!
17 فصلا من 21 مرّ عليها قلمي الأحمر، فأحمرّ المشروع خجلا.
أن نشرّع، لا يقف عند كتابة نصوص نعنونها بالقانون، وإنما التشريع يقتضي ان نكرّس صلب ما نكتبه: السلطة التشريعية "Le Pouvoir Normatif".
أن نشرّع، يفترض ضمان سلامة النص وتناسقه، داخله وخارجه. وأن نعي جيّدا ما نكتبه.
أسأل: هل تم أخذ النصوص المتعلقة بحق النفاذ إلى المعلومة وبحماية المعطيات الشخصية بعين الإعتبار؟ هل كان من ضرورة لهذا القانون لو مارست اللجان حقها في النفاذ إلى المعلومة طبق القانون؟ لا أفهم إن كا المقصود بـ "حرية النفاذ إلى الإدارات..." هو حق بالنفاذ إلى المعلومة لديها أم حرية الولوج اليها والحق في دخولها؟.
أسأل: بأي أغلبية وأي نصاب يتخذ المكتب قراره المشار اليه بالفصل 4 ومن يعلّل القرار؟
أسال: ماهي هذه "الآليات المتاحة للجان بموجب القانون"؟
أسال: كيف غاب رئيس الجمهورية في الفصل 9 وحضر في الفصل 16؟
أسال: كيف يمكن لمكتب المجلس أن يحلّ لجنة تم إحداثها بمقتضى تصويت من قبل الجلسة العامة؟ (الفصل 9).
وأسال: ما معنى أن يتم تشكيل (والأصح تكوين) اللجان بشرط احترام مبدأ استقلالية القضاء؟
لم أفهم الحكمة من إقرار "حلّ لجنة التحقيق" بمجرّد تعهّد القضاء بالموضوع؟
لم أفهم كيف نحترم القضاء ونفتح مسارا مباشرا مع النيابة العمومية في الفصل 19 من دون مرور عبر مجلس القضاء العدلي أو وزير العدل؟ هل قرأنا الفقرة الثانية من الفصل 115 من الدستور؟
آه. دستور. باب آخر
لم أفهم في هذا المقترح من يثير الدعاوى والتتبعات؟
لم أفهم هذا المقترح...

لم أعد أفهم.

Aucun commentaire: