بعد أن صدر الأمر عدد 3576 لسنة 2011 مؤرخ في 14 نوفمبر 2011 والمتعلق بدعوة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي لحضور جلسته العامة الافتتاحية متضمنا حدا أدنى من القواعد الإجرائية لتنظيم أعماله خلال الجلسة الأولى، وبالرغم من أن هذا الأمر شابته عديد النقائص الأساسية ذات العلاقة بالقواعد الإجرائية للقانون البرلماني تم تدارسها وتصور كل الحلول الممكنة لمعالجتها، فإنه من الضروري الإنكباب على تصور الإجراءات العاجلة الواجب إتباعها حتى تكون أعمال المجلس متناسقة ومتأصلة واقعا وقانونا.
ووجب الانطلاق من الفصل السادس من الأمر المشار إليه المتضمن "عرض" الرئيس المنتخب على المجلس تكوين "لجنة إعداد النظام الداخلي" و"لجنة إعداد التنظيم المؤقت للسلط العمومية". واستعمال كلمة عرض لا يعني التكوين الحيني والفوري للجان المشار إليها بل قد تتضمن طرح فكرة تكوينها وترك مهلة تفكير للأحزاب والقائمات الممثلة لترشيح ممثلين عنها.
بل ويمكن القول باستحالة تكوين هذه اللجان في الجلسات الأولى لغياب قواعد إجرائية تنظم مثل هذه العملية كإجراءات الاقتراع والتصويت وصيغ التكوين حيث أن تكوين اللجان في القانون البرلماني يتم وفق صيغ متعددة ومختلفة فتارة يتم تكوينها بصورة آلية وفق قواعد إجرائية دقيقة وتارة يتم التكوين بالانتخاب وهناك من النظم من حاول المزج بين الطريقتين.
وفضلا عن ذلك، وهذا هو الأهم، نستشف من نسق الأحداث والتصريحات أن مؤسسات الحكومة ورئيسها ورئيس الجمهورية ستنبثق من صلب المجلس الوطني التأسيسي من دون أن نعلم إلى حد الآن عن الصيغ التي سيتم اتباعها لتحقيق ذلك: انتخاب أم تزكية (بمعني تصويت على الثقة)؟ فإن لن يتضمن "التنظيم المؤقت للسلط العمومية" هذه الصيغ فسيجبر المجلس على تصورها.
وحتى لا تعمّ الفوضى الإجرائية ويأخذ الجدل والنقاش حيزا هاما من الزمن فإنه يصبح من المتأكد على المجلس معالجة مسائل إجرائية وجوهرية في أسرع وقت ممكن ستمكنه من القيام بمهامه المستعجلة خلال المدة التي سيستغرقها إعداد النظام الداخلي. وتتعلق هذه المسائل بالنقاط التالية:
1- ضبط الحد الأدنى من صلاحيات رئيس المجلس الوطني التأسيسي ونائبيه باعتبار وأنها غير محددة إلى حد الآن.
2- وضع قواعد وإجراءات تكوين الكتل في شكل مرن وفاعل من شأنها أن تسهم في تمكين الأغلبية والمعارضة من تمثيلية صلب مختلف الهياكل التي سيتم إحداثها (ومن بينها اللجنتيتي المشار إليهما سلفا) ضرورة أن هيكل "الكتل" سيكون محور النشاط البرلماني للمجلس على غرار أحدث المجالس.
3- ضبط نظام للإقتراع والتصويت سواء تعلقت المسائل بأشخاص (انتخاب) أو بأعمال (قوانين، قرارات..الخ)
4- إصدار أول قانون تأصيلي وفي أسرع وقت يكون بمثابة المرجع التأصيلي لجميع أعمال المجلس.
ومن الممكن أن تتم جميع هذه الأعمال خلال الأسبوع لينطلق المجلس فيما بعد في مباشرة أعماله وتصور هياكله ووضع قواعده الداخلية بشكل سلس ومتتابع إلى حين ضبطها بصورة نهائية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire